يرى محللون سياسيون أن التحركات الأخيرة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في سوريا تعكس إستراتيجية مزدوجة تجمع بين العمل العسكري والتنسيق الاستخباراتي. وتهدف هذه الإستراتيجية إلى استهداف الجماعات وعلى رأسها تنظيم، مع السعي في الوقت نفسه إلى الحفاظ على استقرار مناطق النفوذ المختلفة داخل الأراضي السورية.

وبحسب خبراء، فإن دور “السلطة المؤقتة” في دمشق في هذه العمليات لا يأتي من خلال المشاركة العسكرية المباشرة، بل يقتصر على الجانب الاستخباراتي، مما يسهم في تقليل حالة الفوضى التي تهيمن على المشهد بين الفصائل المسلحة.

الهدف: خنق ال وتعزيز النفوذ

ويؤكد الخبراء أن تصعيد العمليات العسكرية يأتي بهدف إبقاء التنظيمات ة تحت ضغط مستمر، وضمان الجاهزية لأي طارئ. في الوقت ذاته، يسعى التحالف إلى استثمار هذه العمليات لتعزيز وجوده ونفوذه في المنطقة، في إطار إستراتيجية طويلة الأمد.

في هذا السياق، يرى الباحث السياسي إبراهيم مسلم أن التحالف الدولي يعمل على تفكيك البنية ا، وأن إشراك دمشق استخباراتيًّا – دون تدخل عسكري مباشر – يخلق حالة من العداء بين الفصائل المسلحة من جهة، والسلطة الجديدة من جهة أخرى، وخاصة تلك المجموعات المرتبطة

وأوضح مسلم في حديثه لموقع إرم نيوز، أن التحالف يسعى لإيصال رسالة للسوريين مفادها أن التطرف الذي عانت منه البلاد، تتم معالجته بشكل فعلي، تمهيدًا لمرحلة جديدة تقوم على وجود سلطة سياسية تمثل كافة مكونات الشعب السوري.

ad
لا حرب شاملة… وتحركات تكتيكية

وأشار مسلم إلى أن سيناريو الحرب الشاملة في سوريا غير وارد حاليًّا، وإن حدثت مواجهات فستكون محدودة النطاق. كما لفت إلى أن التحالف ارتكب خطأ سابقًا بعدم إنهاء بشكل كامل، وهو ما يحاول الآن تداركه من خلال تصعيد عملياته.

وأضاف أن القضاء على التنظيم يصب في مصلحة كلٍّ من الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية، الحليف الأبرز للتحالف على الأرض. وختم بقوله إن التحركات الحالية مرتبطة أيضًا بترتيبات انسحاب القوات الأمريكية من العراق، ويُتوقع إعادة توزيع هذا الوجود بين كردستان العراق وشمال شرق سوريا.

البعد الإقليمي والدولي للتصعيد

من جانبه، يرى الباحث السياسي أمجد إسماعيل الآغا أن تصعيد التحالف الدولي نشاطه في سوريا يعكس جملة من التراكمات الإستراتيجية التي تحكمها اعتبارات أمنية وسياسية إقليمية ودولية. واعتبر أن التهديدات المتجددة التي تمثلها التنظيمات، وعلى رأسها، دفعت التحالف إلى تحديث أدواته العسكرية والاستخباراتية، في محاولة لضمان التفوق في مواجهة تهديدات مرنة ومتطورة.

ad
وأوضح الآغا لـإرم نيوز، أن العمليات العسكرية الميدانية تشمل تدريبات مستمرة للقوات، وعمليات إنزال جوي تستهدف شلّ قدرة التنظيمات على التحرك والتواصل، خاصة في المناطق الوعرة التي يصعب الوصول إليها بريًا.

تفاهمات خلف الكواليس؟

وأشار الآغا إلى أن تنفيذ هذه العمليات في مناطق تسيطر عليها حكومة دمشق يمكن تفسيره كتعبير عن تفاهم ضمني أو تعاون غير معلن بين الطرفين. فالولايات المتحدة تنظر إلى سوريا كساحة إستراتيجية لإعادة صياغة النفوذ في الشرق الأوسط، وتسعى لضمان عدم استحواذ أي طرف على زمام السيطرة الكاملة.

وأضاف أن الإستراتيجية الأمريكية الجديدة تقوم على البقاء في سوريا عبر أشكال متعددة، مع تقليص الوجود العسكري العلني مقابل زيادة كثافة العمليات النوعية التي تستجيب للتطورات الأمنية والسياسية في المنطقة.

وختم الآغا بالتأكيد على أن تصعيد العمليات لا يعني بالضرورة وجود تقارب سياسي مع دمشق، بل يأتي ضمن إطار مستمر من الضغط العسكري والاستخباراتي ضمن مشهد سوري معقد ومتغير.

ad
إرم نيوز

من sobbm

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *